يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا.
سورة الأحزاب الآية 59
المصدر: كتاب جامع البيان– تفسير الطبري – سورة الأحزاب الآية 59
حدثنا ابن حميد قال ثنا حكام عن عنبسة عمَّن حدثه عن أَبي صالح، قال: قدم النبي ﷺ المدينة على غير منزل، فكان نساء النبي ﷺ وغيرهن إذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن. وكان رجال يجلسون على الطريق للغزل. فأنزل الله (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) يقنعن بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة.
حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس، قوله (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة.
المصدر: كتاب تفسير القرآن العظيم – تفسير ابن كثير – سورة الأحزاب الآية 59
يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ، ﷺ تَسْلِيمًا، أَنْ يَأْمُرَ النِّسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ -خَاصَّةً أَزْوَاجَهُ وَبَنَاتِهِ لِشَرَفِهِنَّ -بِأَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ، لِيَتَمَيَّزْنَ عَنْ سِمَاتِ نِسَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَسِمَاتِ الْإِمَاءِ. وَالْجِلْبَابُ هُوَ: الرِّدَاءُ فَوْقَ الْخِمَارِ.
وَقَوْلُهُ: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) أَيْ: إِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ عُرِفْنَ أنَّهن حَرَائِرُ، لَسْنَ بِإِمَاءٍ وَلَا عَوَاهِرَ، قَالَ السُّدِّيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ([يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ] قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنْ فُسَّاقِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَخْرُجُونَ بِاللَّيْلِ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ إِلَى طُرُقِ الْمَدِينَةِ، يَتَعَرَّضُونَ لِلنِّسَاءِ، وَكَانَتْ مَسَاكِنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ضَيِّقة، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَ النِّسَاءُ إِلَى الطُّرُقِ يَقْضِينَ حَاجَتَهُنَّ، فَكَانَ أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ يَبْتَغُونَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ، فَإِذَا رَأَوُا امْرَأَةً عَلَيْهَا جِلْبَابٌ قَالُوا: هَذِهِ حُرَّةٌ، كُفُّوا عَنْهَا. وَإِذَا رَأَوُا الْمَرْأَةَ لَيْسَ عَلَيْهَا جِلْبَابٌ، قَالُوا: هَذِهِ أَمَةٌ. فَوَثَبُوا إِلَيْهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَتَجَلْبَبْنَ فَيُعْلَمُ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ، فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُنَّ فَاسِقٌ بِأَذًى وَلَا رِيبَةٍ.
المصدر: كتاب الجامع لأحكام القرآن– تفسير القرطبي – سورة الأحزاب الآية 59
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ) أَيِ الْحَرَائِرُ، حَتَّى لَا يَخْتَلِطْنَ بِالْإِمَاءِ، فَإِذَا عُرِفْنَ لَمْ يُقَابَلْنَ بِأَدْنَى مِنَ الْمُعَارَضَةِ مُرَاقَبَةً لِرُتْبَةِ الْحُرِّيَّةِ، فَتَنْقَطِعُ الْأَطْمَاعُ عَنْهُنَّ. وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ تُعْرَفَ الْمَرْأَةُ حَتَّى تُعْلَمَ مَنْ هِيَ. وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا رَأَى أَمَةً قَدْ تَقَنَّعَتْ [تلبس الجلباب] ضَرَبَهَا بِالدِّرَّةِ، مُحَافَظَةً عَلَى زِيِّ الْحَرَائِرِ.
المصدر: كتاب بحر العلوم – تفسير السمرقندي – سورة الأحزاب الآية 59
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وذلك أن المهاجرين نزلوا في ديار الأنصار، فضاقت الدور عليهم. وكن النساء يخرجن بالليل إلى التخلي يقضين حوائجهن. كان الزناة يرصدون في الطريق، وكانوا يطلبون الولائد، ولم يعرفوا المرأة الحرة من الأمة بالليل.
فأمر الحرائر بأخذ الجلباب. وقال الحسن: كن النساء والإماء بالمدينة. يقال لهن: كذا وكذا يخرجن، فيتعرض لهن السفهاء فيؤذونهن، فكانت الحرة تخرج فيحسبون أنها أمة ويؤذونها، فأمر الله تعالى المؤمنات أن يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ. وقال القتبي: يلبسن الأردية.
ويقال: يعني: يرخين الجلابيب على وجوههن. وقال مجاهد: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ يعني: متجلببين ليعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة.
المصدر: كتاب الكشاف – تفسير الزمخشري – سورة الأحزاب الآية 59
الجلباب: ثوب واسع أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقى منه ما ترسله على صدرها. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: الرداء الذي يستر من فوق إلى أسفل.
ومعنى يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ يرخينها عليهنّ، ويغطين بها وجوههنّ وأعطافهنّ. يقال: إذا زل الثوب عن وجه المرأة: أدنى ثوبك على وجهك، وذلك أن النساء كنّ في أول الإسلام على هجيراهنّ في الجاهلية متبذلات، تبرز المرأة في درع وخمار فصل بين الحرّة والأمة، وكان الفتيان وأهل الشطارة يتعرّضون إذا خرجن بالليل إلى مقاضى حوائجهنّ في النخيل والغيطان للإماء، وربما تعرّضوا للحرّه بعلة الأمة، يقولون: حسبناها أمة، فأمرن أن يخالفن بزيهنّ عن زى الإماء بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه، ليحتشمن ويهين فلا يطمع فيهن طامع، وذلك قوله ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ أى أولى وأجدر بأن يعرفن فلا يتعرّض لهن ولا يلقين ما يكرهن.