المصدر: كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي – جزء 10 صفحة 92 – الطبقة العاشرة – الإمام الشافعي محمد بن إدريس
كَلاَمُ الأَقْرَانِ – أي علماء وأئمة الإسلام – إِذَا تَبَرْهَنَ لَنَا أَنَّهُ بِهَوَىً وَعَصَبِيَّةٍ، لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، بَلْ يُطْوَى، وَلاَ يُرْوَى، كَمَا تَقَرَّرَ عَنِ الكَفِّ عَنْ كَثِيْرٍ مِمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَقِتَالِهِم [في معركة الجمل ومعركة صفين] – رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أَجْمَعِيْنَ – وَمَا زَالَ يَمُرُّ بِنَا ذَلِكَ فِي الدَّوَاوينِ، وَالكُتُبِ، وَالأَجْزَاءِ، وَلَكِنْ أَكْثَرُ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ، وضَعِيْفٌ، وَبَعْضُهُ كَذِبٌ، وَهَذَا فِيْمَا بِأَيْدِيْنَا وَبَيْنَ عُلُمَائِنَا، فَيَنْبَغِي طَيُّهُ وَإِخْفَاؤُهُ، بَلْ إِعْدَامُهُ، لِتَصْفُوَ القُلُوْبُ، وَتَتَوَفَّرَ عَلَى حُبِّ الصَّحَابَةِ، وَالتَّرَضِّي عَنْهُمُ، وَكُتْمَانُ ذَلِكَ مُتَعَيِّنٌ عَنِ العَامَّةِ، وَآحَادِ العُلَمَاءِ، وَقَدْ يُرَخَّصُ فِي مُطَالعَةِ ذَلِكَ خَلْوَةً لِلْعَالِمِ المُنْصِفِ، العَرِيِّ مِنَ الهَوَى، بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَغفرَ لَهُم، كَمَا عَلَّمَنَا اللهُ تعالى.
ثُمَّ قَدْ تَكَلَّمَ خَلْقٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ بَعْضُهُم فِي بَعْضٍ، وَتحَارَبُوا، وَجَرَتْ أُمُورٌ لاَ يُمْكِنُ شَرْحُهَا، فَلاَ فَائِدَةَ فِي بَثِّهَا، وَوَقَعَ فِي كُتُبِ التَّوَارِيْخِ، وَكُتُبِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ أُمُورٌ عَجِيْبَةٌ، وَالعَاقِلُ خَصْمُ نَفْسِهِ، وَمِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ، وَلُحُومُ العُلَمَاءِ مَسْمُومَةٌ، وَمَا نُقِلَ مِنْ ذَلِكَ لِتَبْيِينِ غَلَطِ العَالِمِ، وَكَثْرَةِ وَهْمِهِ، أَوْ نَقْصِ حِفْظِهِ.
المصدر: كتاب السنة للخلال – التغليظ على من كتب الأحاديث التي فيها طعن على أصحاب رسول الله – حديث رقم 822
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ كِتَابًا فِيهِ أَحَادِيثُ مُجْتَمِعَةٌ، مَا يُنْكَرُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْوَهُ، فَنَظَرَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا يَجْمَعُ هَذِهِ إِلَّا رَجُلُ سُوءٍ» ، وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: بَلَغَنِي عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى أَبِي عَوَانَةَ، فَاسْتَعَارَ مِنْهُ كِتَابًا كَانَ عِنْدَهُ فِيهِ بَلَايَا [فضائح الصحابة]، مِمَّا رَوَاهُ الْأَعْمَشُ، فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَوَانَةَ، فَذَهَبَ سَلَّامٌ بِهِ فَأَحْرَقَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَرْجُو أَنْ لَا يَضُرَّهُ ذَلِكَ شَيْئًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَضُرُّهُ؟ بَلْ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ [أي له أجر على حرق الكتب التي تفضح الصحابة]
المصدر: كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (العقيدة) – الصحابة – باب التغليظ على من كتب الأحاديث التي فيها طعن على أصحاب رسول اللَّه – حديث رقم 193
قال عبد اللَّه بن أحمد: سمعت أبي يقول: سلام بن أبي مطيع من الثقات، حدثنا عنه عبد الرحمن بن مهدي، ثم قال أبي: كان أبو عوانة وضع كتابًا فيه معايب أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفيه بلايا، فجاء إليه سلام بن أبي مطيع، فقال: يا أبا عوانة، أعطني ذاك الكتاب، فأعطاه فأخذه سلام فأحرقه.
قال الخلال: أخبرني العباس بن محمد الدوري قال: ثنا إبراهيم أخو أبان بن صالح قال: كنت رفيق أحمد بن حنبل عند عبد الرزاق، قال: فجعلنا نسمع، فلما جاءت تلك الأحاديث التي فيها بعض ما فيها [فيها فضائح الصحابة] قام أحمد بن حنبل فاعتزل ناحية، وقال: ما أصنع بهذِه؟ ! فلما انقطعت تلك الأحاديث، فجاء، فجعل يسمع.
قال الخلال: وأخبرني العباس بن محمد بن إبراهيم، قال: سمعت جعفرًا الطيالسي، يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كانوا عند عبد الرزاق: أحمد [بن حنبل]، وخلف، ورجل آخر، فلما مرت أحاديث المثالب [فضائح الصحابة] وضع أحمد بن حنبل إصبعيه في أذنيه طويلًا حتى مرَّ بعض الأحاديث، ثم أخرجهما، ثم ردَّهما حتى مضت الأحاديث كلها، أو كما قال.
قال الخلال: سمعتُ محمد بن عبيد اللَّه بن يزيد المنادي، يحكي عن أحمد بن حنبل، فلم أحفظه، ولم أكتبه، فأخبرني محمد بن أبي هارون، قال: سمعت ابن المنادي، قال: كنتُ عند أحمد بن حنبل فجاء أحمد بن إبراهيم الموصلي الذي كان يحدث، ومعه ابن له، فأخرج الموصلي من كم ابنه دفترًا؛ فدفعه إلى أبي عبد اللَّه، فنظر أحمد في الكتاب، وجعل يتغير لونه كأنه ينتقص، فلما فرغ أحمد من النظر في الدفتر قال: قال عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} [سورة الحجرات الآية 2]، أما يخاف الذي حدث بهذِه أن يحبط عمله، وهو لا يشعر.
ثم قال أحمد [بن حنبل] بعد أن مضى الموصلي: تدري من يحدث بهذِه؟ قلت: لا. قال: هذا جارك. يعني: خلفًا.
المصدر: كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي – جزء 2 صفحة 603 – باب في بيان اعتقاد السنة والجماعة في الصحابة
اعْلَم أَن الَّذِي أجمع عَلَيْهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة أَنه يجب على كل أحد تَزْكِيَة جَمِيع الصَّحَابَة بِإِثْبَات الْعَدَالَة لَهُم والكف عَن الطعْن فيهم وَالثنَاء عيلهم فقد أثنى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِم فِي آيَات من كِتَابه مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} سورة آل عمرَان الآية 110 فَأثْبت الله لَهُم الْخَيْرِيَّة على سَائِر الْأُمَم وَلَا شَيْء يعادل شَهَادَة الله لَهُم بذلك لِأَنَّهُ تَعَالَى أعلم بعباده وَمَا انطووا عَلَيْهِ من الْخيرَات وَغَيرهَا بل لَا يعلم ذَلِك غَيره تَعَالَى فَإِذا شهد تَعَالَى فيهم بِأَنَّهُم خير الْأُمَم وَجب على كل أحد اعْتِقَاد ذَلِك وَالْإِيمَان بِهِ وَإِلَّا كَانَ مُكَذبا لله فِي إخْبَاره وَلَا شكّ أَن من ارتاب فِي حقية شَيْء مِمَّا أخبر الله أَو رَسُوله بِهِ كَانَ كَافِرًا بِإِجْمَاع الْمُسلمين.
المصدر: كتاب شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية – المؤلف العثيمين – باب فضائل ومناقب الصحابة – جزء 2 ص 292
ولا شك أنَّه حصل من بعضهم – أي الصحابة – سرقة وشرب خمر وقذف وزنى بإحصان وزنى بغير إحصان، لكن كل هذه الأشياء تكون مغمورة في جنب فضائل القوم ومحاسنهم، وبعضها أقيم فيه الحدود، فيكون كفارة.