سبب نزول قصة أصحاب الكهف، هو ما ذكره بن إسحاق وغيره في السيرة أن قريش أرسلوا إلى اليهود يسألونهم عن أمور يمكن أن يمتحنون بها محمد رسول الإسلام بحكم أن اليهود هم أهل الكتاب؛ ليختبروا أن فعلا محمد رسول من الله، فقال لهم اليهود: سألوه عن قوم ذهبوا في الدهر فلا يدري ما صنعوا. وحسب تفسير ابن كثير لسورة أهل الكهف الآيات 9-26، فإن رسول الإسلام تأخر خمسة عشر يوما للرد عليهم، بعد ذلك نزلت سورة أهل الكهف:
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَاْ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)
سورة آهل الكهف الآية 9-26
هذه القصة يسميها المسيحيون “قصة النيام السبعة” (Seven Sleepers of Ephesus). هي أسطورة وردة في عدة كتب ومراجع مسيحية، لكن لا وجود لها بالكتاب المقدس. تقول القصة أنه لما كان الإمبراطور الروماني داكيوس يضطهد المسيحيين بالقسوة ليمحو حتى اسمهم من أذهان الناس، هرب سبعة شبان من سكان مدينة أفسس (التي لا تزال أطلالها باقية إلى الآن في تركيا) واختبأوا في كهف قريب من تلك المدينة، فناموا نحو 200 سنة تقريباً، لأنهم دخلوا الكهف في عهد دَاكيوس (بين سنة 249م و251 م) ولم يخرجوا منه ثانية إلا في حدود سنة 446 م في ولاية الإمبراطور البيزنطي ثيودوسيوس الثاني. فلما استيقظوا ورأوا أن المسيحية انتشرت انتشاراً كبير في تلك المدة ذهلوا، لأنهم لما ناموا كان الناس يعتبرون الصليب علامة احتقار وعار، ولما استيقظوا رأوه يتلألأ على تاج الإمبراطور وعلى أعلام مملكته، وأن جميع رعايا المملكة الرومانية قد اعتنقوا المسيحية، وأن هذه المسيحية أزالت الكثير من الأديان الوثنية في ذلك الوقت.
ولا شك أن قصة النيام السبعة أسطورة بمعنى الكلمة. ولكن بعض الناس قالوا إنها لا تخلو من حكمة وفائدة. لم يقصد صاحب هذه الرواية إضلال الناس وغشهم، بل أوردها على سبيل المجاز، ليُظهِر لقارئها انتشار الديانة المسيحية بسرعة عجيبة بنعمة و قوة الروح القدس. ولا يُوجد مسيحي يعتقد أن هذه القصة حدثت حرفياً، بل إن جميع المسيحيين يعتقدون أنها قصة رمزية. غير أن محمد رسول الإسلام اقتبسها وأوردها في قرآنه وعلّمها لصحابته كأنها قصة حقيقية.
ملاحظات على قصة أهل الكهف:
– القصة القرآنية فيها شبه كبير جدا بقصة النيام السبعة
– قصة النيام السبعة أقدم من النص القرآني
– لا يمكن تبرير التشابه بأن الإسلام جاء مصدقا لما قبله من الكتب. فقصة النيام السبعة ليست مذكورة في العهد القديم ولا العهد الجديد، بل هي قصة مسيحية متأخرة وأحداثها تدور في زمن انتشار المسيحية.
– القرآن اعتبر أهل الكهف وقصتهم حقيقة ولم يشِر إلى أنها قصة اسطورية
السؤال هو:
ألا ترون معي أن قصة أهل الكهف القرآنية لا يمكن أن تكون وحيا نزل على محمد من إله كونها قصة اسطورية شديدة الشبه بالقصة السريانية التي كان يتم تداولها قبل ادعاء محمد نزول تلك القصة عليه؟
