وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا
سورة الأحزاب الآية 37
المصدر: تفسير الطبري – كتاب جامع البيان في تأويل القرآن – تفسير سورة الأحزاب الآية 37
عن محمد بن يحيى بن حبان قال جاء رسول الله بيت زيد بن حارثة وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد ربما فقده رسول الله الساعة فيقول أين زيد فجاء منزله يطلبه فلم يجده وقامت إليه زينب بنت جحش زوجته فضلا فأعرض عنها رسول الله فقالت ليس هو ها هنا يا رسول الله فادخل بأبي أنت وأمي فأبى رسول الله أن يدخل وإنما عجلت زينب أن تلبس إذ قيل لها رسول الله على الباب فوثبت عجلة فأعجبت رسول الله فولى وهو يهمهم بشيء لا يكاد يفهم إلا أنه أعلن سبحان الله العظيم سبحان الله مصرف القلوب قال فجاء زيد إلى منزله فأخبرته امرأته أن رسول الله أتى منزله فقال زيد ألا قلت له ادخل فقالت قد عرضت عليه ذلك فأبى قال فسمعته يقول شيئا قالت سمعته يقول حين ولى سبحان الله العظيم سبحان الله مصرف القلوب فخرج زيد حتى أتى رسول الله فقال يا رسول الله بلغني أنك جئت منزلي فهلا دخلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله لعل زينب أعجبتك فأفارقها فقال رسول الله أمسك عليك زوجك فما استطاع زيد إليها سبيلا بعد ذلك فكان يأتي رسول الله فيخبره فيقول له رسول الله أمسك عليك زوجك ففارقها زيد واعتزلها وحلت فبينا رسول الله يتحدث مع عائشة إذ أخذت رسول الله غشية فسري عنه وهو يتبسم ويقول من يذهب إلى زينب يبشرها يقول إن الله زوجنيها وتلا رسول الله وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك القصة كلها قالت عائشة فأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغنا من جمالها وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها ما صنع الله لها زوجها فقلت تفخر علينا بهذا قالت عائشة فخرجت سلمى خادم رسول الله تخبرها بذلك فأعطتها أوضاحا عليها.
حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد كان النبي قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش ابنة عمته فخرج رسول الله يوما يريده وعلى الباب ستر من شعر فرفعت الريح الستر فانكشف وهي في حجرتها حاسرة فوقع إعجابها في قلب النبي فلما وقع ذلك كرهت إلى الآخر قال فجاء فقال يا رسول الله إني اريد أن أفارق صاحبتي فقال مالك أرابك منها شيئ فقال لا والله يا رسول الله ما رابني منها شيء ولا رأيت إلا خيرا فقال له رسول الله أمسك عليك زوجك واتق الله فذلك قول الله عز وجل وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه تخفي في نفسك إن فارقها تزوجتها
المصدر: تفسير القرطبي – كتاب الجامع لأحكام القرآن – تفسير سورة الأحزاب الآية 37
واختلف الناس في تأويل هذه الآية، فذهب قتادة وابن زيد وجماعة من المفسرين، منهم الطبري وغيره ـ إلى أن النبيّ صلى الله عليه وسلم وقع منه استحسان لزينب بنت جحش، وهي في عِصْمة زيد، وكان حريصاً على أن يطلّقها زيد فيتزوّجها هو؛ ثم إن زيداً لما أخبره بأنه يريد فراقها، ويشكو منها غِلظةَ قولٍ وعصيان أمرٍ، وأذًى باللسان وتعظُّماً بالشرف، قال له: «اتق الله ـ أي فيما تقول عنهاـ وأمسك عليك زوجك» وهو يخفي الحرص على طلاق زيد إيّاها. وهذا الذي كان يخفي في نفسه، ولكنه لزم ما يجب من الأمر بالمعروف. وقال مقاتل: زوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش من زيد فمكثت عنده حيناً ، ثم إنه عليه السلام أتى زيداً يوماً يطلبه، فأبصر زينب قائمة، كانت بيضاء جميلة جسيمة من أتمّ نساء قريش، فهوِيَها وقال [الرسول]: «سبحان الله مقلّبِ القلوب» فسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد، ففطِن زيد فقال: يا رسول الله، ائذن لي في طلاقها، فإن فيها كبراً، تعظُم عليّ وتؤذيني بلسانها، فقال عليه السلام: «أمسك عليك زوجك واتقِ الله». وقيل: إن الله بعث ريحاً فرفعت الستر وزينب مُتَفَضِّلة في منزلها، فرأى زينب فوقعت في نفسه، ووقع في نفس زينب أنها وقعت في نفس النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لما جاء يطلب زيداً، فجاء زيد فأخبرته بذلك، فوقع في نفس زيد أن يطلقها. وقال ابن عباس: {وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ} الحبَّ لها. {وَتَخْشَى النَّاسَ} أي تستحييهم. وقيل: تخاف وتكره لائمة المسلمين لو قلتَ طلِّقها، ويقولون أمر رجلاً بطلاق امرأته ثم نكحها حين طلقها.
وروي في الخبر أنه: أمسى زيد فأوى إلى فراشه، قالت زينب: ولم يستطعني زيد [أي لم يقدر زيد على جماعها جنسيا] ، وما أمتنع منه غير ما منعه الله مني، فلا يقدر علي [أي على جماعها] . هذه رواية أبي عصمة نوح بن أبي مريم رفع الحديث إلى زينب أنها قالت ذلك . وفي بعض الروايات : أَنَّ زَيْدًا تَوَرَّمَ ذَلِكَ مِنْهُ حين أراد أن يقربها[ أي أن عضوه الذكري لم يعد يشتغل] . <—هذا كلام القرطبي
تورم ذلك منه!! لقد تورم العضو الذكري لزيد! وتوقف عن العمل! لماذا فعل الله ذلك بزيد؟ هل الله خالق الكون يهتم بقضيب زيد؟ كل هذا من أجل حبيبه خاتم النبيين والرسل!
المصدر: كتاب نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول للحكيم الترمذي – جزء 2 صفحة 184
رُوِيَ فِي الْخَبَر أَنه أَمْسَى زيد فآوى إِلَى فرَاشه قَالَت زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا لم يستطعني زيد (أي لم يقدر زيد على جماعها جنسيا) وَمَا امْتنع عَنهُ غير مَا مَنعه الله مني فَلَا يقدر عَليّ.
وَفِي بعض الرِّوَايَات أَن زيدا تورم ذَلِك مِنْهُ [أي أن عضوه الذكري لم يعد يشتغل] حِين أَرَادَ أَن يقربهَا [أي عندما أراد زيد ممارسة الجنس معها] . فَعلم زيد بِمَا أخْبرته زَيْنَب من فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَوله حِين أبصرهَا وَصَارَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ إِن زَيْنَب تؤذيني وَلَا تاتي مَا أحب وَلَا تبر قسمي وَلَا تطيعني وَتفعل وَتفعل وَإِنِّي أُرِيد أَن أطلقها فَقَالَ لَهُ أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله فَلم يزل زيد على عزمه الَّذِي عزم الله على قلبه فَكَمَا قلب قلب رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهواها قلب قلب زيد حَتَّى يطلقهَا فَلَمَّا انْقَضتْ عدتهَا نزل الْقُرْآن بتزويجها مِنْهُ وَولي الله تَعَالَى تَزْوِيجهَا مِنْهُ على لِسَان الرّوح الْأمين فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن وَكَانَ قبل نزُول الْآيَة قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخطْبَة إِلَيْهَا وَوجه زيد بن حَارِثَة يعلمهَا ذَلِك فَدخل عَلَيْهَا وَهِي فِي مَسْجِدهَا فَذكر لَهَا حَاجَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت حَتَّى أؤامر رَبِّي عز وَجل فَنزلت قَوْله تَعَالَى (زَوَّجْنَاكهَا) فَهِيَ بعد فِي مؤامرتها وَزيد عِنْدهَا إِذْ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغَيْر إِذن فَقعدَ عِنْدهَا وتلا الْآيَة فخرت سَاجِدَة وَكَانَت تَفْخَر بذلك على نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتقول إِن الله أنكحني من الْعَرْش وَهُوَ وليي من دون الْخلق والسفير فِي ذَلِك جِبْرَائِيل.
المصدر: تفسير الإمام النسفي – كتاب مدارك التنزيل وجقائق التأويل – تفسير سورة الأحزاب الآية 37
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنعَمَ الله عَلَيْهِ) بالإسلام الذي هو أجل النعم (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) بالإعتاق والتبني فهو متقلب في نعمة الله ونعمة رسوله وهو زيد بن حارثة (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) زينب بنت جحش وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصرها بعدما أنكح إياه فوقعت في نفسه فقال سبحان الله مقلب القلوب وذلك أن نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا تريدها وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد ففطن وألقى الله في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول الله فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم انى أريد أن أفارق صاحبتى فقال سورة الأحزاب (37 – 39) مالك ارابك منها شئ قال لا والله ما رأيت منها إلا خيرا ولكنها تتعظم علي لشرفها وتؤذيني فقال له أمسك عليك زوجك (واتق الله) فلا تطلقها وهو نهي تنزيه إذ الأولى أن لا يطلق أو واتق الله فلا تذمها بالنسبة إلى الكبر وأدى الزوج (وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ) أي تخفي في نفسك نكاحها إن طلقها زيد وهو الذى ابداه الله وقيل الذي أخفى في نفسه تعلق قلبه بها ومودة مفارقة زيد اياها ولواو في وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ (وَتَخْشَى الناس) أي قولة الناس إنه نكح امرأة ابنه (والله أَحَقُّ أَن تخشاه) أي تقول لزيد أمسك عليك زوجك مخفياً في نفسك إرادة أن لا يمسكها وتخفي خاشياً قالة الناس وتخشى الناس حقيقاً في ذلك بأن تخشى الله. (فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَراً) الوطر الحاجة فإذا بلغ البالغ حاجته من شئ له فيه همة قيل قضى منه وطره والمعنى فلما لم يبق لزيد فيها حاجة وتقاصرت عنها همته وطلقها وانقضت عدتها (زوجناكها) روي أنها لما اعتدت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد ما أجد أحداً أوثق في نفسي منك أخطب عليّ زينب قال زيد فانطلقت وقلت يا زينب أبشري إن رسول الله يخطبك ففرحت وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها وما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها ذبح شاة وأطعم الناس الخبز واللحم حتى امتد النهار (لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً) قيل قضاء الوطر إدراك الحاجة وبلوغ المراد منه (وَكَانَ أَمْرُ الله) الذي يريد أن يكونه (مَفْعُولاً) مكوناً لا محالة وهو مثل لما أراد كونه من تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) (مَّا كَانَ عَلَى النبى مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ الله لَهُ) أحل له وأمر له وهو نكاح زينب امرأة زيد أو قدر له من عدد النساء (سُنَّةَ الله) اسم موضوع موضع المصدر كقولهم ترابا وجند لا مؤكد لقوله مَّا كَانَ عَلَى النبى مِنْ حَرَجٍ كأنه قيل سن الله ذلك سنة في الأنبياء الماضين وهو أن لا يحرج عليهم في الإقدام على ما أباح لهم ووسع عليهم في باب النكاح وغيره.
المصدر: كتاب تفسير مقاتل بن سليمان – تفسير سورة الأحزاب الآية 37
ثُمّ إن النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتى زيدا فأبصر زينب قائمة، وكانت حسناء بيضاء من أتم نساء قريش فهويها النبي- صلّى الله عليه وسلّم- فقال: سبحان الله مقلب القلوب . ففطن زيد، فقال: يا رسول الله، ائذن لي في طلاقها فإن فيها كبرا، تعظم علي وتؤذيني بلسانها، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: (أمسك عليك زوجك واتق الله) ، ثم إن زيدا طلقها بعد ذلك، فأنزل الله- عز وجل- ( وَإِذْ تَقُولُ يا محمد لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بالإسلام وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بالعتق) وكان زيد أعرابيا في الجاهلية مولى في الإسلام فسبي فأصابه النبي- صلى الله عليه وسلم- فأعتقه (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ) يعني وتسر في قلبك يا محمد ليت أنه طلقها (مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) يعني مظهره عليك حين ينزل به قرآنا (وَتَخْشَى قالة النَّاسَ) في أمر زينب (وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) في أمرها فقرأ النبي- صلى الله عليه وسلم- هذه الآية على الناس بما أظهر الله عليه من أمر زينب إذ هويها. يقول الله- تعالى-: (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) يعني حاجة وهي الجماع (زَوَّجْناكَها) يعني النبي- صلى الله عليه وسلم. فطلقها زيد بن حارثة فلما انقضت عدتها تزوجها النبي- صلى الله عليه وسلم- وكانت زينب- رضي الله عنها- تفخر على نساء النبي- صلى الله عليه وسلم- فتقول: زوجكن الرجال، والله- عز وجل- زوجني نبيه– صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.ثُمّ قَالَ- عَزَّ وجل-: ( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ تزويج نساء أَدْعِيائِهِمْ) يقول لكيلا يكون على الرجل حرج في أن يتزوج امرأة ابنه الذي تبناه وليس من صلبه (ِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) يعني حاجة وهو الجماع.
المصدر: تفسير البيضاوي – كتاب أنوار التنزيل و أسرار التأويل – تفسير سورة الأحزاب الآية 37
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ } بتوفيقه للإسلام وتوفيقك لعتقه واختصاصه. { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } بما وفقك الله فيه وهو زيد بن حارثة. { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } زينب. وذلك: أنه ” عليه الصلاة والسلام أبصرها بعد ما أنكحها إياه فوقعت في نفسه فقال سبحان الله مقلب القلوب، وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرت لزيد ففطن لذلك ووقع في نفسه كراهة صحبتها، فأتى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: أريد أن أفارق صاحبتي، فقال: ما لك أرابك منها شيء، فقال: لا والله ما رأيت منها إلا خيراً ولكنها لشرفها تتعظم علي، فقال له: ” ” أمسك عليك زوجك ” { وَاتَّقِ اللَّهَ } في أمرها فلا تطلقها ضراراً وتعللاً بتكبرها. { وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ } وهو نكاحها إن طلقها أو إرادة طلاقها.
المصدر: تفسير ابن الجوزي – كتاب زاد الميسر في علم التفسير – تفسير سورة الأحزاب الآية 37
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منزل زيد فنظر إليها، وكانت بيضاء جميلة من أتم نساء قريش، فوقعت في قلبه، فقال: سبحان مقلب القلوب، وفطن زيد فقال: يا رسول الله ائذن لي في طلاقها، وقال بعضهم: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منزل زيد، فرأى زينب، فقال: سبحان مقلب القلوب، فسمعت ذلك زينب، فلما جاء زيد ذكرت له ذلك فعلم أنها قد وقعت في نفسه، فأتاه فقال: يا رسول الله ائذن لي في طلاقها. وقال ابن زيد: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى باب زيد، وعلى الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر فرأى زينب، فلما وقعت في قلبه، كرهت إلى الآخر، فجاء فقال يا رسول الله أريد فراقها، فقال له: اتق الله. وقال مقاتل: لما فَطن زيد لتسبيح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله ائذن لي في طلاقها، فان فيها كبرا فهي تعظم علي وتؤذيني بلسانها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: { أمسك عليك زوجك واتق الله } ثم إن زيدا طلقها بعد ذلك، فأنزل الله تعالى: { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه } بالإسلام { وأنعمت عليه } بالعتق.
المصدر: كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين – سورة الأحزاب الآية 37 – جزء 3 صفحة 401
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوجك وَاتَّقِ الله) وَقَوله: (وأنعمت عَلَيْهِ) يَعْنِي: زَيْدًا.قَالَ اللَّهُ للنَّبِيِّ: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مبديه) أَيْ: مُظْهِرُهُ (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَق أَن تخشاه) أَيْ: تَخْشَى عَيْبَةَ النَّاسِ (فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا) الْوَطَرُ: الْحَاجَةُ (زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزوَاج أدعيائهم) قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ: يَا مُحَمَّدُ، زَعَمْتَ أَنَّ حَلِيلَةَ الِابْنِ لَا تَحِلُّ لِلْأَبِ وَقَدْ تَزَوَّجْتَ حَلِيلَةَ ابْنِكَ زَيْدٍ! فَقَالَ اللَّهُ: (ِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) الْآيَة قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَتَى زَيْدًا زَائِرًا فَأَبْصَرَهَا قَائِمَةً فَأَعْجَبَتْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: سُبْحَانَ الله مُقَلِّب المقلوب.
فَرَأَى زَيْدٌ أَنْ رَسُولَ اللَّهِ هَوِيَهَا. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِي طَلَاقِهَا؛ فَإِنَّ فِيهَا كِبْرًا، وَإِنَّهَا لَتُؤْذِينِي بِلِسَانِهَا! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ. فَأَمْسَكَهَا زَيْدٌ مَا شَاءَ الله ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَلَمَّا قَضَتْ عِدَّتَهَا أَنْزَلَ اللَّهُ نِكَاحَهَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ السَّمَاءِ، فَقَالَ (وَإِذْ تَقُولُ للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ) إِلَى قَوْله: (زَوَّجْنَاكهَا) فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ زَيْدًا؛ فَقَالَ: ائْتِ زَيْنَبَ، فَأَخْبِرْهَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَنِيهَا. فَانْطَلَقَ زيد، فَاسْتَفْتَحَ الْبَابَ؛ فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: زَيْدٌ. قَالَتْ: وَمَا حَاجَةُ زَيْدٍ إِلَيَّ وَقَدْ طَلَّقَنِي؟! فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ؛ فَقَالَتْ: مرْحَبًا برَسُول رَسُول الله، فَفتح لَهُ؛ فَدَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ زَيْدٌ: لَا يُبْكِي اللَّهُ عَيْنَكِ، قَدْ كُنْتِ نِعْمَتَ الْمَرْأَةُ أَوْ قَالَ: الزَّوْجَةُ إِنْ كُنْتِ لَتَبَرِّينَ قَسَمِي، وَتُطِيعِينَ أَمْرِي، فَقَدْ أَبْدَلَكِ اللَّهُ خَيْرًا مِنِّي. قَالَتْ: مَنْ؛ لَا أَبَا لَكَ؟ فَقَالَ: رَسُول الله. فخرت سَاجِدَة.