هل انتشر الإسلام بالسيف؟

مصنف كـ الصحابة، العقيدة الإسلامية

المصدر: كتاب البداية والنهاية لابن كثير – وقعة أليس

فلمَّا نَزَلَ خَالِدٌ تقدَّم بَيْنَ يَدَيْ جَيْشِهِ وَنَادَى بأعلى صوته لشحعان مَنْ هُنَالِكَ مِنَ الْأَعْرَابِ : أَيْنَ فُلَانٌ: أَيْنَ فلان؟ فكلُّهم تلكأوا عَنْهُ إِلَّا رَجُلًا يُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ قَيْسٍ، مِنْ بَنِي جِذْرَةَ، فإنَّه بَرَزَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: يَا ابْنَ الْخَبِيثَةِ مَا جرَّأك عَلَيَّ مِنْ بَيْنِهِمْ وَلَيْسَ فِيكَ وَفَاءٌ؟ فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ.وَنَفَرَتِ الْأَعَاجِمُ عَنِ الطَّعام وَقَامُوا إِلَى السِّلاح فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا جِدًّا، وَالْمُشْرِكُونَ يَرْقُبُونَ قُدُومَ بَهْمَنَ مَدَدًا مِنْ جِهَةِ الْمَلِكِ إِلَيْهِمْ، فَهُمْ فِي قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ وَكَلَبٍ فِي الْقِتَالِ.وَصَبَرَ الْمُسْلِمُونَ صَبْرًا بَلِيغًا، وَقَالَ خَالِدٌ [خالد بن الوليد]: اللَّهم لَكَ عَلَيَّ إِنْ مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ أَنْ لَا أَسْتَبْقِيَ مِنْهُمْ أَحَدًا أَقْدِرُ عَلَيْهِ حَتَّى أُجْرِيَ نَهْرَهُمْ بِدِمَائِهِمْ.ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ مَنَحَ الْمُسْلِمِينَ أَكْتَافَهُمْ فَنَادَى مُنَادِي خَالِدٍ: الْأَسْرَ، الْأَسْرَ، لَا تَقْتُلُوا إِلَّا مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْأَسْرِ،فأقْبَلَتِ الْخُيُولُ بِهِمْ أَفْوَاجًا يُسَاقُونَ سَوْقًا، وَقَدْ وكَّل بِهِمْ رِجَالًا يَضْرِبُونَ أَعْنَاقَهُمْ في النَّهر، ففعل ذلك بهم يَوْمًا وَلَيْلَةً وَيَطْلُبُهُمْ فِي الْغَدِ وَمِنْ بَعْدِ الغد، ولكما حَضَرَ مِنْهُمْ أَحَدٌ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ فِي النَّهر، وَقَدْ صَرَفَ مَاءَ النَّهر إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ: إنَّ النَّهر لَا يَجْرِي بِدِمَائِهِمْ حَتَّى تُرْسِلَ الْمَاءَ عَلَى الدَّم فيجري معه فتبرَّ بيمينك، فَأَرْسَلَهُ فَسَالَ النَّهر دَمًا عَبِيطًا، فَلِذَلِكَ سمِّي نَهْرَ الدَّم إِلَى الْيَوْمِ، فَدَارَتِ الطَّواحين بِذَلِكَ الْمَاءِ الْمُخْتَلِطِ بالدَّم الْعَبِيطِ مَا كَفَى الْعَسْكَرَ بِكَمَالِهِ ثَلَاثَةَ أيَّام، وَبَلَغَ عَدَدُ الْقَتْلَى سَبْعِينَ أَلْفًا، ولمَّا هَزَمَ خَالِدٌ الْجَيْشَ وَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ مِنَ النَّاس، عَدَلَ خَالِدٌ إِلَى الطَّعام الذي كانوا قد وضعوه ليأكلوه فقال المسلمين: هَذَا نَفَلٌ فَانْزِلُوا فَكُلُوا، فَنَزَلَ النَّاسُ فَأَكَلُوا عشاء.


المصدر: كتاب تاريخ الطبري – خبر أليس وهي على صلب الفرات

وَقَالَ خَالِدٌ [خالد بن الوليد]: اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ إِنْ مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ أَلا أَسْتَبْقِي مِنْهُمْ أَحَدًا قَدَرْنَا عَلَيْهِ حَتَّى أُجْرِيَ نَهْرَهُمْ بِدِمَائِهِمْ! ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَشَفَهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَنَحَهُمْ أَكْتَافَهُمْ، فَأَمَرَ خَالِدٌ مُنَادِيَهُ، فَنَادَى فِي النَّاسِ: الأَسْرَ الأَسْرَ! لا تَقْتُلُوا إِلا مَنِ امْتَنَعَ، فَأَقْبَلَتِ الْخُيُولُ بِهِمْ أَفْوَاجًا مُسْتَأْسَرِينَ يُسَاقُونَ سَوْقًا [أي أسرى]، وَقَدْ وَكَّلَ بِهِم رِجَالا يَضْرِبُونَ أَعْنَاقَهُمْ فِي النَّهْرِ [أي قتل الأسرى]، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَطَلَبُوهُمُ الْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى النَّهْرَيْنِ، وَمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ جَوَانِبِ أُلَيْسَ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَالَ لَهُ الْقَعْقَاعُ وَأَشْبَاهٌ لَهُ: لَوْ أَنَّكَ قَتَلْتَ أَهْلَ الأَرْضِ لَمْ تَجْرِ دِمَاؤُهُمْ، إِنَّ الدِّمَاءَ لا تَزِيدُ عَلَى أَنْ تَرَقْرَقَ مُنْذُ نَهَيْتَ عَنِ السَّيَلانِ، وَنُهِيَتِ الأَرْضُ عَنْ نَشْفِ الدِّمَاءِ، فَأَرْسِلْ عَلَيْهَا، الْمَاءَ تَبَرَّ يَمِينُكَ وَقَدْ كَانَ صَدَّ الْمَاءَ عَنِ النَّهْرِ فَأَعَادَهُ، فَجَرَى دَمًا عَبِيطًا فَسُمِّيَ نَهْرَ الدَّمِ لِذَلِكَ الشَّأْنِ إِلَى الْيَوْمِ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ بَشِيرُ بْنُ الْخَصَّاصِيَّةِ، قَالَ: وَبَلَغَنَا أَنَّ الأَرْضَ لَمَّا نَشَّفَتْ دَمَ ابْنِ آدَمَ نُهِيَتْ عَنْ نَشْفِ الدِّمَاءِ، وَنُهِيَ الدَّمُ عَنِ السَّيَلانِ إِلا مِقْدَارَ برْدِهِ.


المصدر: كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري – ذكر خلافة أبي بكر الصديق – باب ذكر وقعة أُليس

فقال خالد:اللهمّ إن هزمتهم فعلىّ ألّا أستبقى منهم من قدرت عليه؛ حتّى أجرى من دمائهم نهرهم، فانهزمت فارس، فنادى منادى خالد: الأسر الأسر! إلا من امتنع فاقتلوه، فأقبل بهم المسلمون أسراء، ووكّل بهم من يضرب أعناقهم، فضرب أعناقهم يوما وليلة؛ فقال له القعقاع: لو قتلت أهل الأرض لم تجر دماؤهم، فأجرى عليه [الماء] فسمّى ذلك الماء نهر الدم، وبلغ عدد القتلى سبعين ألفا، وكانت الوقعة فى صفر أيضا. ثم سار إلى أمغيشيا، وأصاب فيها ما لم يصب مثله من الغنائم، وأخربها، وبعث إلى أبى بكر بالسّبي والغنائم؛ فقال أبو بكر: عجز النّساء أن يلدن مثل خالد. رضى الله تعالى عنهما.


المصدر: كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي – ذكر خبر أليس وهي صلب الفرات

ثم إن النصارى وفارس اجتمعوا بأليس وقد وضعوا الأطعمة يأكلون، فقال: كلوا ولا تحفلوا بهم، فعالجهم خالد [خالد بن الوليد] فقاتلهم، وقال [خالد] : اللَّهمّ إن لك علي إن منحتني أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحدا قدرنا عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم. فمنحه الله أكتافهم، فأمر مناديه: الأسر الأسر، ولا تقتلوا إلا من امتنع، فضرب أعناقهم في النهر، فقيل: لو قتل أهل الأرض لم تجر دماؤهم، إن الدم لا تزيد على أن تترقرق أرسل عليه الماء تبر يمينك. وكان قد صد الماء عن النهر، فأعاده، فجرى دما عبيطا [طريا]، فسمي نهر الدم لذلك إلى اليوم.وكانت على الماء أرحاء، فطحنت قوت العسكر ثلاثة أيام بالماء الأحمر، وبلغ القتلى سبعين ألفا. ووقف  خالد على طعامهم، فقال لأصحابه: قد نفلتكم الطعام، فكان من لا يعرف خبز الرقاق يقول: ما هذه الرقاع البيض، وجعل من يعرفها [يقول] : هل سمعتم برقيق العيش؟ هو هذا.

حديث أمغيشيا
ونفذ خالد إلى أبي بكر رضي الله عنه بفتح أليس، فلما فرغ خالد من وقعة أليس جاء إلى أمغيشيا، وقد جلا أهلها فأمر بهدمها، وكانت مصرا كالحيرة، فأصابوا منها ما لم يصيبوا مثله قط، بلغ سهم الفارس ألف وخمسمائة سوى النفل الذي نفله أهل البلاء.


المصدر: كتاب تاريخ ابن خلدون – باب الخلافة الإسلامية  بعوث العراق وصلح الحيرة

فلما حط الأثقال سار إليهم خالد بن الوليد وطلب المبارزة، فبرز إليه مالك بن قيس فقتله خالد، واشتد القتال بينهم وسائر المشركين ينتظرون قدوم بهمن، ثم انهزموا واستأسر الكثير منهم وقتلهم خالد حتى سال النهر بالدم وسمي نهر الدم، ووقف على طعام الأعاجم وكانوا قعودا للأكل فنفله المسلمين، وجعل العرب يتساءلون عن الرقاق يحسبونه رقاعا. وبلغ عدد القتلى سبعين ألفا. ولما فرغ من الليس سار إلى أمغيشيا فغزا أهلها وأعجلهم أن ينقلوا أموالهم فغنم جميع ما فيها وخرّبها.