من هم الصعاليك في الجاهلية وفي الإسلام؟

مصنف كـ السيرة النبوية، الصحابة، العقيدة الإسلامية
الصعاليك

المصدر: كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام – جواد علي – الفصل الستون بعد المائة – الشعراء الصعاليك

وقد عرف الصعاليك بـ “الذؤبان” وبـ “ذؤبان العرب”، “وذؤبان العرب لصوصهم وصعاليكهم وشطارهم الذين يتلصصون ويتصعلكون، لأنهم كالذئاب”. وعرفوا باللصوص لأنهم كانوا يتلصصون. وعرفوا بـ “الخلعاء”، والخليع الشاطر، “وهو مجاز سمي به، لأنه خلعته عشيرته وتبرأوا منه، أو لأنه خلع رسنه. وكان في الجاهلية إذا قال قائل مناديا في الموسم: يا أيها الناس! هذا ابني قد خلعته، وذلك إذا خاف منه خبثا أو خيانة، أو من هو بسبيل منه، فيقولون: إنا قد خلعنا فلانا، أي فإن جر (أي قام بجناية أو ذنب) لم أضمن، وإن جر إليه لم أطلب. يريد تبرأت منه. وكان لا يؤخذ بعد بجريرته وهو خليع”. و “الخلعاء” جماعتهم. “واختلعوه إذا ذهبوا بماله”. ولعل لهذا التفسير صلة بالصعلكة التي تعني الفقر، فالفقر والإملاق والجوع من أهم الملازمات التي لازمت ورافقت الصعاليك، وفي هذا المعنى أيضا ما جاء في كتب اللغة: “وشفر المال تشفيرا: قل وذهب”، ولعل للفظة “الشنفرى”، صلة بهذا المعنى، وقد تكون للفظة “الرجل” التي تعني البؤس والفقر، صلة بهذا المعنى كذلك. فقد عرف الصعاليك بـ “الرجليين”.


المصدر: كتاب الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي – يوسف خليف –  الباب الأول الصعاليك

والناظر في أخبار هؤلاء الصعاليك، المتتبع لظروف نشأتهم وحياتهم، يستطيع أن يلاحظ في وضوح ثلاث طوائف مختلفة تتألف منها عصاباتهم:
1. طائفة “الخلعاء والشذاذ” الذين أنكرتهم قبائلهم، وتبرأت منهم، وطردتهم من حماها، وقطعت ما بينها وبينهم من صلة، وتحللت بهذا من العقد الاجتماعي الذي يربط بينها وبينهم، والذي يصوره المثل العربي القديم “في الجريرة تشترك العشيرة”، فأصبحت لا تحتمل لهم جريرة (الجريرة هي الجناية والذنب)، ولا تطالب بجريرة يجرها أحد عليهم، مثل حاجز الأزدي، وقيس بن الحدادية، وأبي الطمحان القيني.
2. طائفة “الأغربة” السود الذين سرى إليهم السواد من أمهاتهم الإماء، فلم يعترف بهم آباؤهم العرب، ولم ينسبوهم إليهم؛ لأن دماءهم ليست عربية خالصة، وإنما خالطتها دماء أجنبية سوداء لا تصل من درجة نقائها إلى درجة الدم العربي، مثل تأبط شرا، والشنفري، والسليك بن السلكة.
3. طائفة الفقراء المتمردين الذين تصعلكوا نتيجة لتلك الظروف الاقتصادية المختلة التي كانت تسود المجتمع الجاهلي، ويمثلهم عروة بن الورد ومن كان يلتف حوله من فقراء العرب، وكذلك تلك المجموعة الكبيرة من صعاليك هذيل.
من هذه الطوائف الثلاث تألفت عصابات الصعاليك، وهي عصابات قطعت ما بينها وبين قبائلها من صلات، وانطلقت إلى الصحراء، كما تنطلق الذئاب الجائعة، لتشق لنفسها طريقا في الحياة، وقد جمع بينها -على اختلاف قبائلها- الفقر، والتشرد، والتمرد، والكفر بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يؤمن بها المجتمع الذي خرجت عليه، والإيمان بأن الحق للقوة، وأن الضعيف ضائع حقه في هذا المجتمع.والظاهرة الواضحة في حياة هؤلاء الصعاليك -على اختلاف الدوافع التي دفعتهم إلى حياة التصعلك- هي أنهم جميعا فقدوا توافقهم الاجتماعي. وظاهرة “التوافق الاجتماعي” هي الظاهرة التي يقرر علماء الاجتماعي أنها الأساس.


المصدر: كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام – جواد علي – الفصل الستون بعد المائة – الشعراء الصعاليك

وقد انتشر الصعاليك في كل موضع من جزيرة العرب، ففي كل مكان منها جوع وفقر وصعلكة، حتى صاروا قوة مرعبة مخوفة، لشد بأسهم في القتال، ولمعرفتهم بالمسالك وبمنافذ الطرق وبمداخلها وبأسرار البوادي وخفايا النجاد والجبال، فكانوا أن اتخذوا من الكهوف والمنحدرات والمسترات المشرفة على الأودية والطرق، مواضع رصد واختفاء، يراقبون منها حركات المارة، فإذا وجدوهم دخلوا موضعا صعبا، يمكن حصرهم به، انقضوا عليهم، فأخذوا منهم ما يكون عندهم من متاع هذه الدنيا، ثم هربوا بما غنموا إلى مخابئهم حيث لا يصل إليهم أحد، وإن وجدوا أن السابلة أقوى منهم وأشد بأسا، اتخذوا من الفرار وسيلة للسلامة والنجاة، فلا يلحقهم متعقب، ولا يطمع أحد في إصابتهم بمكروه، وهم على علم واسع وخبرة عالية بمجاهل البوادي وبخبايا الأرض وهكذا يكونون في نأي عن التعقيب وفي منجاة من التعقب.


المصدر: كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام – جواد علي – الفصل الستون بعد المائة – الشعراء الصعاليك

وكانت مكة على ما يظهر من أخبار أهل الأخبار، مكانا أوى إليه ذؤبان العرب وخلعاؤهم وصعاليكهم، حتى كثر عددهم بها، لما وجدوه فيها من حماية ومعونة، وكان أحدهم إذا جاءها، نادى قريشا نداء النخوة لتؤويه وتجيره، فيقوم أشرافها بحمايته وتقديم الجوار له، ومن هنا نجد الفتاك وأهل الغي والضلال يجوسون خلالها في أمن وسلام، لحرمة المدينة ولحرمة حقوق الجوار، ولعل المصالح الاقتصادية التي كانت تجنيها قريش من هذا الإيواء، كانت السبب الأول في جعل سراتها يقدمون العون والجوار لأولئك الذؤبان الفتاك الذين كانوا لا يتورعون عن الإقدام على أي عمل مهما كان شأنه خطيرا، حتى وإن كان فيه هلاكهم.


المصدر: كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام – جواد علي – الفصل الستون بعد المائة – الشعراء الصعاليك

وهكذا وضع “الصعاليك” أنفسهم في خدمة من يريد استخدامهم لتحقيق أهدافه التي يريدها، مقابل ترضيتهم وإعاشتهم، كما يفعل الجنود المرتزقة هذا اليوم من خدمة الدول الأجنبية، بانضمامهم إلى الفرق الأجنبية، كما هو الحال في “فرنسا” مثلا لاستخدامهم في القتال الصعبة منها بصورة خاصة.


المصدر: كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام – جواد علي – الفصل الستون بعد المائة – الشعراء الصعاليك

ونجد لشذاذ العرب، ذكرا في أخبار الغزو في أخبار الأخذ بالثأر، وفي أخبار من كان يريد الانتقام من أعدائه، فلما غزا “زيد الخيل” الطائي “بني عامر” ومن جاورهم من قبائل العرب من قيس، “جمع طيئا وأخلاطا لهم، وجمعوا من شذاذ العرب”. ولما غزا “زهير بن جناب” الكلبي، بكرا وتغلب أخذ “من تجمع له من شذاذ العرب والقبائل” وغيرهم فغزا بهم. وقد كان هؤلاء “الشذاذ” على استعداد لوضع أنفسهم في خدمة من يريد استخدامهم في مقابل أجر، أو يتكفل بإعاشتهم وإزراقهم، أو من يرزقهم غنيمة من غارة يساهمون فيها، فلما أراد “أبو جندب” الهذلي، الأخذ بثأر جارين له قتلهما “بنو لحيان”، قدم مكة، فأخذ جماعة من خلعاء بكر وخزاعة، وخرج بهم على بني لحيان، وكان قد “قدم مكة، فواعد كل خليع وفتك في الحرم أن يأتوه يوم كذا وكذا، فيصيب بهم قومه”، ليثأر لأخيه.


حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ ـ وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةَ ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ شَكَّ ـ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏”‏ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ ـ وَأَحْسِبُهُ ـ وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي عَامِرٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ، خَابُوا وَخَسِرُوا ‏”‏‏.‏ قَالَ نَعَمْ‏.‏ قَالَ ‏”‏ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ لَخَيْرٌ مِنْهُمْ ‏”‏‏.‏


المصدر: صحيح البخاري – كتاب الشروط – باب الشُّرُوطِ فِي الْجِهَادِ وَالْمُصَالَحَةِ – حديث رقم 2731-2732

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، حَتَّى كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم …‏ قَالَ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلاَ يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لأَجَبْتُكَ‏.‏ قَالَ وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ لَهُ أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏ فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ‏.‏ فَقَالَ أي غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏”‏ أَمَّا الإِسْلاَمَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَىْءٍ ‏”‏‏.‏ … ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ ـ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ـ وَهْوَ مُسْلِمٌ فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا‏.‏ فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلاَنُ جَيِّدًا‏.‏ فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ فَقَالَ أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ‏.‏ فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ، حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ ‏”‏ لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا ‏”‏‏.‏ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ‏.‏ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏”‏ وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ ‏”‏‏.‏ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ‏.‏ قَالَ وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلاَّ لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلاَّ اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ لَمَّا أَرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهْوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ‏}‏ حَتَّى بَلَغَ ‏{‏الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ‏}‏ وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ‏.‏


المصدر: كتاب الطبقات الكبرى – ابن سعد – ذكر بعثة رسول الله الرسل إلى الملوك

ولكي يستغل محمد قوة صعاليك تهامة. كتب لهم كما يذكر لنا ابن سعد في طبقاته فيقول: وكتب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لجماع كانوا في جبل تهامة قد غصبوا المارة من كنانة ومزينة والحكم والقارة (أي الأفارقة) ومن اتبعهم من العبيد. فلما ظهر رسول الله – صلى الله عليه وسلم -وفد منهم وفد على النبي – صلى الله عليه وسلم – فكتب لهم رسول الله. ص: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من محمد النبي رسول الله لعباد الله العتقاء إنهم إن آمنوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فعبدهم حر ومولاهم محمد ومن كان منهم من قبيلة لم يرد إليها وما كان فيهم من دم أصابوه أو مال أخذوه فهو لهم وما كان لهم من دين في الناس رد إليهم ولا ظلم عليهم ولا عدوان وإن لهم على ذلك ذمة الله وذمة محمد والسلام عليكم.


تحليل رسالة محمد إلى صعاليك جبل تهامة:

1.  قول محمد: “ومولاهم محمد، ومن كان منهم من قبيلة لم يُردّ إليها”. لم يردهم إلى قبائلهم لأنهم كانوا خارجين عن القانون ومطلوبون للعدالة، لكن نصّب محمد نفسه وليَاً عليهم.
2.  قول محمد: “وما كان فيهم من دم أصابوه أو مال أخذوه فهو لهم”. جعل محمد جرائم الصعاليك وسرقاتهم حلالاً لهم إن تبعوه وآمنوا بدعوته. أي أن محمد لم يغيّر في أفعالهم الشائنة شيئاً بل قام بتغيير اسمهم فقط فأصبح يدعوهم بـ “مسلمين” بدلا من صعاليك.
3. قول محمد: “وما كان لهم من دين في الناس رُدّ إليهم” وهنا يدّعي محمد أن للصعاليك دين في الناس مع أنهم في الحقيقة كانوا مجرد لصوص وسارقين لتلك الأموال، والغريب أنه وعدهم بردَ دينهم المزعوم إليهم. أي أنه وقف مع الصعاليك ضد القبائل لاستمالتهم إليه.
4.  قول محمد: “ولا ظلم عليهم ولا عدوان وإن لهم على ذلك ذمة الله وذمة محمد”. أي أن كل واحد يحارب أولئك المجرمين فإنه يحارب محمد، فوضعهم تحت حمايته وابرأ ذمتهم أيضاً. انظروا كيف يحمي نبي الإسلام القتلة والمجرمين ويستميلهم إليه حتى يكونوا نواة لقوته العسكرية من أجل غزو القبائل وسبي نسائها.

فالرسالة تكشف ترأس محمد على الصعاليك في صيغة تحترم اسلوب حياتهم الصعلوكية ومبادئهم في قتل وسلب الناس!!


المصدر: كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام – جواد علي – الفصل الستون بعد المائة – الشعراء الصعاليك

والصعاليك بعد، حاقدون على مجتمعهم، متمردون عليه، للأسباب المذكورة، نبتت في أكثرهم عقد نفسية، تكونت عندهم من سوء معاملة المجتمع لهم، ومن سوء فعلهم وتصرفهم الخاطئ تجاه مجتمعهم، فهم حاقدون لا يبالون من شيء ولو كان ذلك سلبا ونهبا وقتل أبناء قبيلتهم وعشيرتهم، لأنهم خلعوا منها، وحرموا من حق الدم، فكان خلعها لهم سبب شقائهم وبؤس حياتهم، فأي حق بقي إذن يمنعهم من الحقد على القبيلة ومن مهاجمة العشيرة؟ ثم إنهم حاقدون على مجتمعهم، لأن منهم فقراء معدومين، لا شيء عندهم يعتاشون عليه، ولا ملابس لديهم تقيهم من الحر أو البرد أو المطر، وكل ما تقع أعينهم عليه، هو مفيد لهم نافع، ومن حقهم بحكم فقرهم انتزاعه من مالكه، وإن كان مالكه فقيرا معدما مثلهم، لأن النفس مقدمة على الغير، وهم يعيبون الخامل منهم الذي يعيش صعلوكا ذليلا قانعا بما كتب عليه من الذل والتشرد، عائشا على صدقات الناس، ويرون الخلاص من هذا الذل بالحصول على المال بالقنا وبالسيف، فمن استعمل سيفه نال ما يريد، لا يبالي فيمن سيقع السيف عليه وإلا عد من العيال.

وقد وجد الصعاليك في الأغنياء البخلاء، هدفا صالحا لهم. فهؤلاء أصحاب مال، وهم أصحاب جوع، ولا بد للجوعان من أن يعيش، فلم يجدوا في مباغتة الأغنياء أي حرج يمنعهم من السطو على أموالهم، لأنها زائدة عليهم، وهم في حاجة إليها، وبذلك يضمنون لأنفسهم ولإخوانهم الجياع الصعاليك أسباب الحياة، فالحاجة عندهم تبرر الواسطة، وإذا امتنع إنسان على صعلوك وأبى تسليم ما عنده إليه، فهو لا يبالي من قتله، فالقتل ليس بشيء في نظره، منظره مألوف، والفقر ذاته قتل للإنسان، بل أشد فتكا به من القتل، والصعلوك نفسه لا يدري متى يقتل، فلا عجب إذا ما رأى القتل وكأنه شربة ماء.


ونقل محمد تلك الفلسفة إلى الإسلام فأصبحت على الشكل التالي: يستطيع المسلم انتزاع كل شيء من مالكه بحجة انه كافر أو مشرك دمه وماله حلال… وهذا ما مارسه محمد بالفعل أثناء قيامه بغزواته مع صحابته من الصعاليك وقطاع الطرق من قتل ونهب وسلب وسبي للنساء والأطفال. أليس هذا سر قساوة الإسلام في بدء نشأته؟


لقد أدرجهم محمد في المجتمع الاسلامي ادراجا كليا بلا محاذير أو تحفظات. واستمر عدد كبير منهم في الاسلام الى قطاع طرق يتربصون بالقوافل. وصاروا لاحقا على قدر كبير في في الإسلام مثل:

أبو ذر الغفاري

المصدر: كتاب الطبقات الكبرى – ابن سعد – الطبقة الثانية من المهاجرين و الأنصار

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن يحيى بن شبل، عن خفاف بن إيماء بن رحضة قال: كان أبو ذر رجلا يصيب الطريق ، وكان شجاعا يتفرد وحده يقطع الطريق ويغير على الصرم (الجماعة المنعزلة) في عماية الصبح (بقية ظلمة من الليل) على ظهر فرسه أو على قدميه كأنه السبع فيطرق الحي ويأخذ ما أخذ، ثم إن الله قذف في قلبه الإسلام وسمع بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ بمكة يدعو مختفيا، فأقبل يسأل عنه حتى أتاه في منزله ، وقبل ذلك قد طلب من يوصله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يجد أحدا ، فانتهى إلى الباب، فاستأذن ، فدخل وعنده أبو بكر وقد أسلم قبل ذلك بيوم أو يومين وهو يقول: يا رسول الله والله لا نستسر بالإسلام ولنظهرنه، فلا يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فقلت يا محمد: إلام تدعو؟، قال: «إلى الله وحده لا شريك له وخلع الأوثان وتشهد أني رسول الله» ، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، ثم قال أبو ذر: يا رسول الله إني منصرف إلى أهلي وناظر متى يؤمر بالقتال فألحق بك، فإني أرى قومك عليك جميعا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أصبت» ، فانصرف , فكان يكون بأسفل ثنية غزال ، فكان يعترض لعيرات قريش ، فيقتطعها، فيقول: لا أرد إليكم منها شيئا حتى تشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن فعلوا رد عليهم ما أخذ منهم، وإن أبوا لم يرد عليهم شيئا، فكان على ذلك حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى بدر وأحد، ثم قدم ، فأقام بالمدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم.


من بداية نشاطه كان محمد يؤكد لتابعيه بانه يوما ما سوف يحارب ويبدأ بالقتال. ومنذ البداية كانت غايته هجر مكة نحو مدينة اخرى لكي يبدأ منها الحرب ضد مكة. لذلك كانت رسالته من البداية هي التحضير لحرب ضد قريش وباقي القبائل العربية. وكان من المتوقع ان الذي كان سوف يسمع له هم الجماعات الثائرة على المجتمع وعلى القبائل، الطامعة في غنى ونساء تلك القبائل وهذه الجماعات هي الصعاليك. أبو ذر لم يتب ولكنه استمر في حياة الصعلكة في الاسلام.


سارية بن زنيم الدئلي

المصدر: كتاب الإصابة في تمييز الصحابة – المجلد الثالث – حرف السين

وذكر الواقدي، وسيف بن عمر- أنه كان خليعا في الجاهلية، أي لصا كثير الغارة، وأنه كان يسبق الفرس عدوا على رجليه، ثم أسلم وحسن إسلامه، وأمره عمر على جيش، وسيره إلى فارس ، سنة ثلاث وعشرين، فوقع في خاطر عمر وهو يخطب يوم الجمعة أن الجيش المذكور لاقى العدو وهم في بطن واد وقد هموا بالهزيمة وبالقرب منهم جبل، فقال في أثناء خطبته: يا سارية، الجبل، الجبل، ورفع صوته، فألقاه الله في سمع سارية، فانحاز بالناس إلى الجبل، وقاتلوا العدو من جانب واحد ففتح الله عليهم.